في ذكرى الأحبة
أكتبُ هذه الكلمات بعيونٍ تملؤها الدُّموع وقلبٍ لم يعد فيه متّسعٌ للحُزن، ولكي أكونَ مُنصِفة وبليغة في حَقّ حُزني سأعَبّرُ عنهُ بكلمة "النَّحِيطُ" : وهو البكاء الذي لا يظهر وإنّما يتردّد في الصّدر.
أكتبُ لأرمِّمَ قلبي والكتابة قبرٌ مفتوح، ولأنّي كبقيّة الجُبناء لا أخرجُ للشّارع لأصرخ فأنا هنا لأقدِّمَ العزاءَ لنَفسي ومن أجلِ أولئك الّذين أودَعوا قُلوبًا يحبّونها أسفلَ التّراب؛ ضَحايا للزّلازل.
فعِند غيابِكم تعجزُ مفرداتُ اللّغة عّن التعبير تختفي علاماتُ التّنصيص، تُرفعُ الأقلامُ وتجفُّ الصُّحفَ، "فلا جنازة أوجع من موتِ الكلامِ فأنت الميّت والمُعزّي وكلّ القبور".
ولأنّ الموتَ يطرقُ أبوابَنا دون استّئذانٍ كانت معضلتهُ ليس بأنَ الموتى يرحلونَ إلى أماكنَ نجهلُها ، بل بأنّنا نحنُ الأحياء نقفُ في المنتصف عاجزينَ عن المُضيّ قُدمًا عالقينَ في زحمة الذّاكرة.
فأنا الآن أبحثُ بين نسماتِ الرّبيع، وبين قطرات النّدى عن بقايا أحبّتي لأُرّضي القلبَ الحَزين.
وكَما قالَ وديع سعادة : "على الأحباء أن يعودوا إذا ناديتهم، عليهم أن يعودوا ولو كانوا ماءً، لو كانوا أمواتًا، لو كانوا طحلباً على الطُحلب أن يصير إنسانًا حين تستدعيه، ويأتي ولو مبللاً، لو مترهلاً، لو عفّنًا ، عليه أن يعودَ صديقاً ولو مات منذُ ألف عام يجب أن يكون هنالك طريقة لجمع النّاس على الضفاف، طريقة لإعادة الأوراق والأغصان الطّافية على البحيرات بشرًا.
في ذِكرى الأحبّة كتبتْ لقُلوبٍ لم أرغب يوماً بِنّعي وفاتِها، إلى أولئك الذين كان رحيلهم جميلاً كأنّهُ الغروب .
تلك الأرواح الّتي لم تعرف يوماً سِوى السّلام ، لكم مِنّا كُلَ السّلام ، دُمتم في جَنّاتِ الخُلود ودامتْ لنّا الذّكرى .
بقلم الكاتبة: رنيم محمد نبيل / سوريا.
المدير العام:
صفاء عويسي.
تحرير:
رؤى عماد.
تعليقات
إرسال تعليق