في مرحلةٍ من العمرِ نصلُ إلى محطّة من محطّات الحياة، نفهمُ أخيرًا أنّ كلّ شيء عشناه سابقًا في مرحلة الطّفولة لم يكن سوى نسمةً عليلةً وأنّ الحياةَ لم تكشفْ عن أنيابها بعد، وبعد أن تكبرَ تكتشفُ أنّ كلّ شيء مختلفٌ كليًّا ، لا شيء يأتي إلينا بمجرّد أن نبكي! فكم من أشخاص بكَوا حرقةً على حياة قاسية مريرة، لا يبقى الأهل مجتمعون مع بعضِهم فقد تأتي الغربة و تفرّق شملهم، تلك الدّمية الّتي نُمسكُها أينما ذهبْنا ملأَها الغبار، غبارُ ذكرياتٍ دُفنتْ تحت واقع الحياة، لم يعد التّلفازُ يسلّينا كما سابقًا، ولا حتّى البكاءُ من ألمٍ في يدِنا أو خدش على ركبتِنا ، أصبح المظهرُ الخارجيّ الثّابت رداؤنا و الحريق داخلنا، لم يعد البوح بما يخيفنا مسموحٌ فالكتمانُ راحة لنا من تبريرات لا تُصَدَّق، كذباتنا حين كنّا نكسِر شيئًا ثمينًا في المنزل أصبحت داخل قلوبنا دون ترميمٍ، و سفر الجدّات لأماكنَ لم نعلم سببها أدركْنا أنّهُ سفرٌ دون عودة، و أن الأميراتُ لسن إلّا على شاشةِ التّلفاز سعيدات و الحقيقةُ المُرّة لا نعلمها، أنّ السعادةَ لا تخترقُ حدودَ تلك الشّاشة حتّى و ليست كلّ أميرة تزوّجتْ بأميرٍ حقًا، أدركنا في نهاية المطاف أنّ الحياة ليست سوى مسرحيّة و أنّ السّتائر لم تكشف عن واقعيّتها إلّا بعد أن دفعنا ثمن التّذكرة !
بقلم الكاتبة: أبرار فتح التام/ اليمن.
المدير العام:
صفاء عويسي.
تحرير:
رؤى عماد.
تعليقات
إرسال تعليق