القائمة الرئيسية

الصفحات

عصفور فقد سربه/ جواهر عبد الحميد المزيّد.

جواهر عبد الحميد المزيّد

في ليالي باردة ، هناك الشجر يرقص على عزف الهواء العليل ،  و الأمواج تتمايل على صوت عصفور وحيد ، واقف هناك أعلى التل ، يرتجف من البرد بعدما ذهب دفء عائلته ، الغربة أنهكته ، لا طاقه له ولا شغف للحياة ، وها أنا من بعيد أراقب مشيته العرجاء ، هل كُسرت ساقه ؟ أم هي خطوات المنهك من الحياة .


صوت المطر يملأ ارجاء مدينتي (مدينة دبي) الشوارع هادئة في منطقة الراشدية ، والأسواق شبه مغلقة ، وها أنا أضع قهوتي المُرّة ، مستمتعة بالمطر من خلف النافذة ، هل الأمطار تشعر بوجع ساكني الأرض فتنزل لتزيح عنهم غبار اليأس والحزن ؟ ، ماذا لو كانت الأحزان متكتله بداخل أعماقنا من يزيحها؟

مغتربه ستة أشهر وسط مدينة مزدحمه ، رغم زحمتها فإن بداخلي فراغ لا يملأه إلا العائلة ، ما أصعب شعور الغربة وسط مجتمع لا تعرف فيه أحداً ، ما أصعب الشوق الذي لا يلبي طلبات المشتاقين لعائلاتهم ، ها أنا مثل ذلك الطائر الذي أضاع سرب الطيور و يقف أعلى التل ليعبّر عن حزنه الشديد ، فيغادر منكسر الخاطر ، وشارد الذهن ، يا لتخيلاتنا العمياء عندما ظننا أن حياة الطيور جميلة ، كنا مثل الذي تمنى يعيش طائراً دون أن يلقي بالاً بإنكسار أجنحته.


في زاوية أخرى من زوايا القلب توجد منطقه في حضرموت تسمى(الحامي) هنا تعيش عائلتي منذ ستة أشهر وسط مجتمع بسيط ، وهواء عليل ، لنتخيل فقط أجواءهم المفعمة بالطاقه والإيجابية.


أخي أحمد الذي يصغرني بعامين ، صاحب الصوت العذب والقلب السليم ، كم كانت تسرني إطلالتك وأنت تحمل رقائق البطاطس لتعاندي قبل أن تعطيني إياها..لن أنسى تلك الأيام ما حييت.

سعاد يا سعاده الدنيا ، التي ترسم البسمة بألوان من النكات والقصص العجيبة ، فكم كانت أصوات العائلة تتعالى بسبب نكته ألقيتها.. لن أنسى تلك الضحكات ما حييت .

شيماء التي سرقت قلوبنا بصوتها الندي الذي ورثته عن والدي ، لا انسى تلك الأيام التي نؤشر فيها بأصابعنا لبعضنا البعض كي نسمع صوتك بآية من القرآن أو بدندنه شعبية .لن أنساها مهما حييت

فاطمة القلب..التي أخذت جزء من حنان الوالدة وذكاء الوالد فجمعت بينهما.. لا أنسى صمتك أثناء شجارنا الطفولي المستمر وروحك الحلوة الممتزجة بعفوية..لن انساها ما حييت.

لنختمها بآخر عنقود العائلة ، علي ذو الشخصية المشاكسة والمحبة للحياة ، تخيلاته الواسعة وأسئلته المتكررة عن المخلوقات الفضائية.. لن انساها ما حييت

وها أنا أختم نصي هذا بعمود البيت و بالتي تخلت عن عرش راحتها لأجلنا...

لأبي وأمي ، يا قدوتي في الحياة ويا طوق النجاة ويا بحر من الحب والحنان.

ها هي الغربة تغلبت علينا بعدما عشنا في سقف واحد 21 سنه، ولكن عزيمتنا في اللقاء لن تتلاشى .


بقلم الكاتبة: جواهر عبدالحميد المزيّد/ اليمن.

المدير العام:

صفاء عويسي.

تعليقات