غربت الشمس فقررت الخروج للمشي قليلاً ، حينها رأيته أول مره...
كان يقف في حديقة منزله يحفر ، يرتدي بدلة بنية جميلة ، حافي القدمين ، وبدون رأس !! ، توقفت ونظرت إليه باستغراب ، لوحت له بيدي لكنه تجاهلني ، حينها قررت تجاهله أيضاً ، لكن الغريب أنني أراه يحفر كل يوم ، كانت الحفرة تزداد عمقاً حتى بات يدخل الحفرة لأكمال الحفر .
العرق يتصبب من جسده ، و تركيزه لا يزال معلقاً في إنهاء حفر تلك الحفرة ، كل يوم أرى جزءاً منه يختفي بداخل الحفرة ، حتى اختفى كلياً ....
في اليوم التالي وجدت شخصاً يغلق الحفرة بالتراب الذي تحيط بها بيديه العاريتين ، وعلى وجهه ملامح مخيفة و حاقدة ، شعرت بالقلق فلا بد أن الرجل قد دُفن في الحفرة حياً ، أمسكت بالمجرفة المرمية بالقرب مني و ركضت بسرعة ناحية ذلك الشخص السيء لأبعده ، فهرب بذعر وركض مبتعداً ليختفي وسط الضباب ، حفرت الحفرة بكل سرعتي حتى لمحت إحدى أصابعه العالقه ، حينها أكملت الحفر بيدي حتى استطعت إخراجه، كان مستلقياً على الأرض من شدة التعب و الإنهاك ، بدا كأنه ممتن لي ، أو ربما يشعر بشعور لا أستطيع معرفته ، كيف أفهم ما يشعر به وهو رجل بلا رأس ؟ .
في اليوم التالي كان المطر يتساقط ، خرجت لأبلل جسدي بقطرات المطر الجميلة ، رأيته يقف ممسكاً مظلته أمام الحفرة التي حفرها ، توقفت و نظرت إليه ، كان جسده يتجه نحوي كأنه ينظر إلي ، شعرت بالغرابة، قلت له بقلق : هل أنت بخير ؟ .
هز كتفيه و أدخل يده في جيبه ، قال لي بعد أن أشار للحفرة : لنحفر ؟ .
كان صوته يتردد كالصدى ، غريب من جسد دون رأس أن يصدر صوتاً ! .
قلت له : أين ذهب رأسك ؟ .
قال : أخذوه وأنا الآن أبحث عنه .
بدا حزينا من نبرة صوته ، ثم قال لي : قاربت على الانتهاء ، سأستعيد لك رأسك اليوم ! .
قلت له باستغراب : هاه ! .
أخرج من جيبه مرآة صغيرة و اقترب مني ، رفعت المرآة لأجد نفسي دون رأس ، و في وسط الحفرة ظهرت خصلة شعر طويلة و نصف رأس لا يزال نصفه الآخر مدفوناً .
بقلم الكاتبة: بنت الحنيني.
المدير العام:
صفاء عويسي.
تعليقات
إرسال تعليق