لحظات مع سجين
نعم، منذ اللحظة الّتي رحل فيها، وأنا أتجرّع سُمَّ الحنين والشوق له، معاناةٌ بأتمِّ الكلمة، لا نستطيع المجابهة، لكن هناك دائمًا سبب للمواصلة والكفاح!
زياراتي المتكرّرة له، هي بمثابةِ ترياقٍ لي من هذا السُمِّ القاتل، فأنجو في كلِّ مرّة من موتِ الروح؛ فقد كان يبعث في داخلي الأمل كلَّ مرّةٍ أراه فيها، ويخبرني بأنَّ الدُّنيا لا تستحقُّ منّي كلّ هذا الحزن والكآبة، ويحفّزني على المواصلة والصبر، كانت كلماته كلّها تشجيعٌ لي، فكان من الأحقِّ أن أقدّم له العزاء في مصيبته وأقول له من العبارات ما تؤنس وحدته وغربته، فقد عكست الآية ليس لشيء وإنّما لضعفي بغيابه، وما زادني ألمًا عندما كان يوصّيني على أبنائه خاصّةً ابنه البكر الّذي لم يره يكبر أمام عينيه، والأشدُّ ألمًا من ذلك ابنته الّتي جاءت إلى هذه الدُّنيا في غيابه وهي تعيش دون الأب، رغم وجوده لا تعرف معنى كلمة أبي، فهذا ما يفطر قلبه وقلبي، كلَّما أوصاني بهم دمعت عيناه من الشوق لهم، فقد كان الحلُّ الوحيد إحضار أبناءه لزيارته بين الحين والآخر، ليطفئ شعلة الحنين الّذي بداخله، ويلامسهم بعينه وقلبه فقط، لحظات ثمنها الدُّنيا وما فيها!
كان الشوق والحنين سيّد الموقف، يذلّنا مرّة ويرفع آمالنا مرّةً أخرى، اخترت منها الجميل وتركت الأجمل إلى يوم اللقاء، يومًا ما!.
بقلم الكاتب: كريم رابح/ الجزائر
مدير العام:
صفاء عويسي.
تحرير:
شروق حصني.
تعليقات
إرسال تعليق