القائمة الرئيسية

الصفحات

سود البشرة/ آية سعد الدين.

آية سعد الدين

 مساء الخير ياسيّدي بعد يومٍ طويل مُتعب .

أكتبُ إليك بعد بعد تفكيرٍ طويل في عدّة مواقف هرولتْ في مضمار ذاكرتي فحلّلتُها وسألتُ نفسي وجاوبتُها حتّى تبيّن الكثير من حقائق هذا الكوكب .

لرُبّما تطرّقتَ إلى موضوع "ذوي البشرة " الداكنة " فتعمّقتَ فيه ودرسته بجد ،أو اطلعت عليه فقط ،أو ربّما مرّ على مسمعك مرور الكِرام ،أو ربما لايعنيك الأمر مطلقًا ،لكنّني أُذهل وأُصعق في كل مرّة أقرأُ فيها تعليقات الكراهية ،أو الأحداث التاريخية أو حتّى المعتقدات السلبية ضد ذوي البشرة السوداء .

أُحبُّ أن أسميهم " ذوي البشرة السمراء الغامقة" إسمٌ طويل لكنّه أرحم من البشرة السوداء ،وإن تمعّنّا بهم جيدًا سنُدرك أنها ليست سوداء .. ما اكتشفته حقًا عن تلك المخلوقات ،طول ١٥ عامًا من الحياة على وجه هذا الكوكب ، هو أنّهم يملكون تضادًا .أعني تضادًا بالألوان داخليًّا وخارجيًا ،وما أدركتهُ حق إدراكه هو أن قلوبهم عكس بشرتهم يملكون قلوبًا بيضاء ناصعة لاظلال في زواياها ولا مناطق داكنة ،أعلم أنك ستقول لي :"لا يعني أن كل سود البشرة طيّبي القلب اذا قابلتِ شخصًا واحدًا جيّدًا "  نعم أوافقك الرأي لكنني لا أجزم فعلًا أنهم ليسوا كلهم كذلك ، لأنني لم ألتقِ حتّى الآن بصاحب بشرة داكنة سيء ! كلهم لطيفون ،طيبون ،ورائعون! 


عندما أتحدث عن ذوي البشرة الداكنة أتذكر صديقتي من إثيوبيا التي تجلسُ بقُربي وتعلمني مايصعبُ عليّ قوله من مفردات اللغة الأجنبية ،وعندما تراني أجلس وحيدة تأخذني لنمشي خارجًا رغم برودة الجو ،وغالبًا ما تمطرني بتصرفات  بسيطة لكنها لطيفة .  وأتذكر أيضًا ذلك المُراهق الذي يُفسح لي المجال لأصعد قبله إلى الحافلة لكي أجد مكانًا أجلسُ فيه ،أتذكر سائق الحافلة الذي يتهللُ وجهه ويبتسم ويُلقي التحيّة بحرارة وسعادة عندما يلمحُني ، أتذكرُ ذلك الشاب الذي ألقى التحيّة مرّة عليّ عندما كنت أمشي وحيدة لأنه يعرف أبي ، أتعرف ماذا ؟ أخبرني أبي مرّة أنهُ قال له:" رأيتُ ابنتك البارحة! " قالها ببراءة وطفولة كأنهُ ما عانى صِعاب غُربةٍ قَط ولاتذوّق مرارة الدنيا أبدًا ، أتذكرُ تلك  الفتاة التي تحجزُ مكانًا لي في الحافلة لكي لا أقف ونبتسم ، أتذكر إحدى الفتيات التي تحرصُ على إحضار طعام خالٍ من مشتقّات الكحول ودُهن الخنزير في كل مرّة يكون هناك مناسبة بها طعام لعلمها بأني فتاة مُسلمة ،رغم أنّها مسيحية .


والعديد من الأرواح الجميلة التي. قابلتُها ،لن أُكمل لك الأن لأنني أمتلكُ ما أمتلكهُ من الواجبات المُؤَجَلة والوقت لايكفي للحديث المُفَصل ،رُبّما سنتحدّث طويلًا عندما ألقاك ♡


بقلم الكاتبة: ءآية سعد الدين /سوريا.

المدير العام:

صفاء عويسي.

تعليقات