سـَّبعُ فتيات في عُمر الزّهور عاشنا بـِ كَنف فَقيدهن مُعززات بـِ رعاية والدَّهن الحنون الذّي تفيء عليهن بالدفِء والحـَنان إلا أنَ الزمان دار بـِهـن بـِ عجالـًة عكس عقارب الساعة وخطف الموت منهن الصدر الحنون مُبكرًا وهن في أجمل الأيام، أخذتهُم أمواج الحياة الصعبة ورياح الأيام السيئًة تحتَ ظل الحياة القاسيًة التي استطاعت أن تَجعل الحُزن يَحل محل والدهن، ضنًا مِن الزّمـن أنَهن سـَ يَتجاوزنَ هذّا الألم.
كيفَ لـَّنا أن نتجاوز تلكَ الليلًة القاسيًة التَّي لَّن نّنساها مَهما طالَ الزّمـن، تلكَ الليلة التّي تَركت ورائَها الحُزن والوحدة، عندَّما غاب أَبي عن عالـّمي غابَت معهُ كُل الأشياء الجميلة الذّي كانَ هوّ مَن يُجملها بـِ وجودهُ، تُعاد تلكَ الليلًة بـِ كُل شعور بِها كلُ ليلًة، لّم يُدفَن أبي وحدهُ دُفنَ معهُ الأمـان والحنان، رّحلَت معهُ فكرة الاطمئنان، وسُرقت مني بسمة شّفتاي.
منذُ رَحيلُكَ وكُل المواقف تأتي مُحملـًة بـِ رسالـًة محتواهـا لا مجال لـِ الضُعف فـَ قد رحلَ الأكثر أمانـًا والأعمق حُبًا، الأصدّق قولًا، رحيلكَ يا أَبي يُشعرُنـي ما مَعنى موت الأماكـن، وموت الأشياء، وكيفَ تَموت الحياة ونحنُ على قيدُهـا، عَرفتُ مَعنى دُعاء جَبر الله قلبُكَ، لا حُزن أنتهى بعدكَ يا أَبي، ولا فرحًة أتّت.
واجهت الكَثيرُ مـنَ المواقف بـِها أُناسًا يَتسألون عَن سَبب الحُزن في عيَّني...؟
أَلـّم يَدركون بَعد أَن فُقدان أَبي كـان قاتل وليسَ بـِ خاطف الأفراح فَقط، رّحلَ أَبي هذّهِ الليلة دونَ أَن أُرافقك إلى سيارتُكَ، رحلتَ يا أَبي دونَ أَن تَغلق الباب خلفكَ فـَ قد تَركتهُ فاتحًا لـِ عثرات الزّمـن وأوجاعهُ التَّي لّن تَنتهي مـِن بَعدكَ، ما زلتُ عالقًة بـِ تلكَ الليلًة كيفَ لي أَن أعيشُ الحاضر بـِ بقايا الماضي، عطرُكَ الذّي لا يُنسى، صوٌت أَتمنى سماعهُ، حضٌن أفتقدهُ بـِ شدًة، حُب وشوق يَقتلَّني يومًا بعدَ يوم، صوًر صامتًة، منزٌل خالي تَملئهُ الذّكريات، طَنين الأصوات في أُذّنـي وصورُ وداعكَ الأخيرة تَحرق قَلبي، رحلتَ يا أَبي وترَكتني أُكـابدُ بـِ مُفردي عَثراتُ الزّمـن وقساوتهُ.
بقلم الكاتبة: مـرح عبد الرزاق أحمد البريزات/ الأردن.
المدير العام:
صفاء عويسي.
تعليقات
إرسال تعليق