القائمة الرئيسية

الصفحات

عدادُ خطواتي/ جُمانة خلدون أبو رمان

جُمانة خلدون أبو رمان

وحدةٌ أماتت قلبي، وظلامٌ شتَّتَ نظري، حزنٌ قتلَ صبري، ورمادٌ اجتاح حياتي، غبارٌ كثيفٌ من حولي، أين أنا؟ 


الظلامُ الحالكُ لا يُساعدُني على رؤيةِ شيءٍ، أبحثُ حولي فلا أرى سوى الزُجاجَ المكسورَ، والورودُ الذابلة التي تملأُ الأرضَ، النّافذةُ مُغلقةٌ، ولا مجالَ لرؤيةِ النّور، لا أمتلك القُدرة لبذلِ الجُهدِ والمُقاومةِ، أشعُرُ وكأنَّ تيارَ نبضاتِ قلبي انقطع، سئمتُ من هذا الحال، سأبذل جهدًا وسأقاوم.


ها أنا أسمعُ صوتَ خطوات أقدامه تقتربُ مني، يقتربُ ببطئٍ شديدٍ، ويقترب ويقترب، صدى دقاتِ عقاربِ الساعةِ يهتزُّ في أذني، وأسمعُ صوتَ إغلاقِ أبواب إحدى المتاجر، سمعتُ صوتَ بابٍ يُغلَقُ بقوةٍ، وما زال يقترب، قال لي: ستبقين عالقةً هُنا مهما حاولتي الهرب، ثم ذهب.


استجمعتُ قواي ووقفتُ على قدماي رافضةً الهزيمة، لقد عرفتُهُ إنَّهُ الشّخصُ الذي قال لي أنني لن أنجح بتحقيقٍ أحلامي البتّة، وها أنا حققتُها رغم أنفه، وسأهربُ من هُنا؛ لأنتصرَ على ظَنِّهِ بفشلي مرةً أُخرى، بدأتُ بالسيرِ بخطواتٍ مُتباطئةٍ؛ لكي لا يسمع صوت خطواتي.


بعد خطوتي الأولى لم تعد الزهور ذابلة، وبعد الثانية أصبح هُناك مجالٌ لرؤيةِ النورِ، بعد الثالثةِ لم يعُد الزُّجاجُ مكسورًا، بل وأصبح الزُّجاجُ على شكلِ طائرٍ بنفسجي اللون، فقررتُ أن أستجمِعَ نفسي؛ لأُصبِح مثلَهُ، بعد خطوتي الرابعةِ عادت نبضاتُ قلبي، وبعد الخامسةِ فُتِحت النّافذة، فركضتُ مُسرعةً قبل مجيئهِ مرةً أُخرى، ركبتُ في أولِ سيارةِ أُجرة رأيتها في طريقي، وعدت إلى منزلي.


و ها أنا الآن عدتُ لأعيش بسلامٍ مُنتصِرةً على مخاوفي ومُنتصرةً على كُلِّ من يتمنى فشلي، ولكنني أعتقد أنني سأخوضُ معركةً أُخرى في سبيلِ تحقيق أحلامي، وسأكونُ مُستعدةً لها بكاملِ قواي الجسديّةِ والعقليَّةِ.


(الشخص الذي حاول منعها من تحقيق أهدافها، هي نفسها؛ فالنفس أمّارة بالسوء؛ لذلك لا تطعها، تحرّر من قفصِ مخاوفك وواجها؛ لتتحرر منها، ثم إن النّفس مقبلة ومدبرة فإن أقبلت اغتنمها)...


بقلم الكاتبة: جُمانة خلدون أبو رمان/ الأردن.

المدير العام:

صفاء عويسي.

تعليقات