القائمة الرئيسية

الصفحات

أين نعيش؟ | البتول زكريا | مجلة صفاء الروح

 أين نعيش؟!

أَعلم  أنّ هناك همومٌ وأشياء إنْ فكرت فيها ستقول: بأنّ حُزني على فِراقِ صديقةٍ أو حبيبٍ، أو أيّ علاقةٍ كانت، ومهما بلغَتْ أعوامها، وبلغَ حَنينُكَ لهذه العلاقةَ، لنْ يكونَ هناكَ رابطٌ كرابطٍِ بينكَ وبينَ وطنكَ. على سبيلِ المثال: إنْ رأيتَ إحدى المُدنْ سكانها مجرد أشلاءٍ مرميّة على الأرض، أو رأيتَ طفلًا يتيم الأب والأم، كيفَ نادوكَ أناملَ طفلٍ مشردٍ ويداهُ تَرقُصانِ على أنغامِ المطرِ وتقولُ: أعطوني طفولتي؟

من هذهِ الحكايات، والقصص عن بلدي وبلدِ غيري، أُحلفكَ باللهِ هل حقّا حُزنكَ حزن؟

سبعة أعوام نعيشُ ضمنَ حياةٍ مليئة بالخوفِ، والفزع على أولادنا وشَبابنا وأهالينا. 

ألمْ يكنْ يوما الوطنُ أحنُ من الغربةِ؟! 

لماذا إذا أمطر في بلادي الرّصاص؟

وتجري أنهارٌ من دماءِ النّساء والأطفال، دماءٌ كثيرة مُمزوجة لأشخاص مذنبين و أبرياء، لا ترى على أرضي سوى الدّمار والخراب. تنظرُ إلى السّماء، أينَ السّماء؟! 

من تصاعد دخان الانفجارات لا ترى أيّة غيوم، أو نجوم، البيوت مدمّرة، والمباني مهدّمة، والأهالي مهجّرة. كيف لنا أن نشرح للأم عن سبب استشهاد ابنها؟ 

كيف لنا أن نخبر هؤلاء الأبناء أنّهم أصبحوا أيتامًا؟ 

هل نخبر اللّاجئين في المخيمات أنّهم بلا مأوى ولا سقف؟

أينَ الإنصاف والعدل؟!

أينَ المليار مسلم في هذه البقعة؟

أنا سوري وأنت سوري من القاتل بيننا؟

من عدّونا؟

أليست هذه أرضي وأرضك؟ 

أليست هي من احتوتنا؟ 

هي من روتنا؟ 

أخبرونا بأنّ الأمّة العربيّة واحدة، وسمموا عقولنا بكلمةِ طوائف وأديان. يا ابن آدم أنت خُلقت من طينٍ كما خلقني ربّي، ولو كنت يهوديا أو مسيحيا أو مسلما لا عليك من كلِّ هذا، فنحنُ أبناء أمّة واحدة وأرضٍ واحدة. 

يسير شباب المستقبل والخوف من بعضنا مزروع في كلّ مكان لعدم الأمان. لا أعلم

ما نهاية هذا المسلسل؟

متى ينتهي هذا الكابوس الّذي احتل بلدي؟ 

متى نستيقظ لتشرق شمسنا؟

أترى متى نلتقي بغربائنا؟ 

ويعودون أحبابنا؟

كلّ مواطن قد نال شيئا، إمّا وفاة شخص، أو هجرة أهله، أو بعده عن عالمه، أو تشتت العائلة، أو ضياع حلمه ودراسته.

أتساءل هل نستطيع أن نبني البيوت الّتي تدمّرت سقوفها؟ وتهزهزت أعمدتها؟

بالله عليكم يا شباب المستقبلِ، يا جيلنا الحالي وأجيالنا القادمة لنعيد مكاننا إلى ألفين وعشرة ..


- البتول زكريا - سوريا.

تدقيق: لولا عبدالحق السعدي.

مجلة صفاء الروح - المدير العام: 

صفاء عويسي.

تعليقات