القائمة الرئيسية

الصفحات

مفارقاتٌ بين ذاكَ وذلك/ غنى فؤاد ليلى.

غنى فؤاد ليلى

وكم رأيت من أناسٍ في مطارِ الغربةِ متكئينَ على أحزانهم، منتظرين نداءَ سيفِ الفراق وفي أعينهم مفارقات...

فذاك الذي يلتقطُ تذكارًا من هاتفهِ، وقد كان شديدُ سواد الشعر، ناصعُ الثياب ليس عليه أثرُ النصب، متأهبًا لرحلةٍ سياحية بدأ توثيقها للتو في هاتفه، يجلس بجانبه ذاك اليافعُ المودعُ أهله بحزنٍ وحماسٍ للذهاب لإكمال مستقبله ودراسته في الخارج، حامِلًا على عاتِقِهِ وصايا أهله، وعلى بُعدِ أمتارٍ منه، بقايا إنسان نهشَ المرضُ من عافيته، يجول ببصره من حوله مودعًا، وكأنّ اليأس سيطر عليه مقنعًا إياه أن لا عودة له، وبجانب البوابة يقبعُ ذاك الرجل ذو الثياب الرثة، المتمسك ببقايا حقيبته التي يحمل بها بعض الوريقاتِ الضرورية، والدريهماتِ المتبقية بعد ما دفعه للهروب من واقع أليم، وبقايا طعام هي لقيمات يسد بها جوعه خوفا من الموت، تلك الحقيبة التي اقتلعها من تحت أنقاض بنيان مهدم، فهرب خائفًا من أن يكون مصيره كمصيرِ حقيبته.

ختمتُ الجواز الكائنَ في يدي، وأكملتُ عملي، فلن أكترث، فهذا المشهدُ يتكرر كلَّ يوم.



بقلم الكاتبة: غنى فؤاد ليلى/ فلسطين.
المدير العام:
صفاء عويسي.

تعليقات