أَبـي...
منذُ تلكَ الليلة يا أَبـي إلى الآن لـَّم أَستطع أَستعيدُ نَفسي القديمة حتى يومُنا هذّا، أشعُر وكـأنَ روحي انطفأَت، سَقطت دموعي حينَ سمعتُ خبر وفاتكـَ يا أَبي تساقطت بعدُها دموًع غزيرًة، واختنقت تـِلـكـَ النبضات في قلبي، حتّى شعرتُ أنهُ سـَ يتوقَف عَن الخَفقان وما زالت إلى الآن تَشق روحي تلكـَ الأنفاس المؤلمًة.
أَبي منذُ متى لـَّم أُنادي هـذّا الأسم، أَبي إن كُنتَ تَعلم أَن شوقي لكـَ قَد فاقَ الكون بـِ أَكملهُ، تأكد بـِ أنكَ سـَ تبقى أول حـُب وأَول قُدوًة، وأَول مـَن أَمسكَ يدّي على شـُرفات الحياة.
أَبي.. صَديقي.. فَقيدي.. وحُزني الأَول
أَشتقتُ جدًا لكـَ، لـِ صوتُ ضحكتكَ الذّي كـانَ يملئ أرجاء المنزل، لـِ مُزاحنا سويًا، حتى لحظاتُ عصبتيك أفتقدُها وبـِ شدًة، فقدُكَ لَّم يَكُن عاديًا فـَ قد سرَقَ مـني ضحكاتي التَّي كانت تَتعالى بـِحضوركَ بينُنا، وهناءَ أيامي، بعدَ غيابُكَ فـَ أَنا لستُ بِحاجًة لـِ شيٌء سوى إنَّني بـِ حاجة لكَ، أشتاقُكَ وأفتقدُكَ كلُ لحظًة، رائحة عطرُكَ أشتمُها بـِ زوايا المنزل، حتى هوَ باتَ كئيٌب مثلّنـا بعدَ فقدُكَ، جُدرانهُ مُحملًة بـِ ذكرياتُنا مَعك، ولـَّكن فقدُكَ جعلَ إضاءة المنزل خافتًة وبِشدًة يَغمُرنا الظلام يومًا بَعدَ يوم منذُ ذاكـَ الوقت وكـأن ضريبة الظلام تُدفَع مـِن أعمارُنا.
كانَ حذائُكَ يا أَبي مزلاجُ البيت يَكفي أن نراهُ موجودًا حتى نَشعُر بـِ الأمان، كانَت دائمًا تلكَ الفردتان مُلتصقتان بينَما تتناثرُ أَحذيتُنا بـِ الجانب الآخر لا نَخف الليل ولا اللصوص طالَّمـا بقيَّ مكانهُ، أَمـا الآن بقيّ مكانهُ دون أمـان تسلَّلَ إلينـا الفـزع بَعد غيابُكَ مـا عادت كُل الأقفال تَهبُنا جزٌء من الطمأنينة.
رَّحلتَ يا أَبي في عمٌر لـّم أكُن فيهِ صَغيرًة لـِ أنسى ولا كبيرًة لـِ أستوعب مَعنى الرَّحيل إلى الأَبد ومـِن بَعدُهـا صار كُل المرض مُخيف وكُل سيارات الإسعاف شبٌح بـِفٍم مفتوح وأنياب حادًة، وكـُل المُستشفيات مُرعبة، وكُل الموت وحٌش عَظيٌم وكُل الفَقد مُتعب.
رَّحمَ الله روحًا لـّم تُفارقُنا، رَّحمَ الله مـَن كانَ وجههُ نورًا لـِ حياتُنا، ومـَن مَعهُ أَجملُ ذكريات الحُب والطفولة.
(إهداء لـِ روح والدّي الطاهرة الذَّي مـن بَعد غيابهُ لَم أشعُر بـِ معاني الحياة، إهداء لـِ روح أبي وحبيبي عبد الرزاق البريزات)
بقلم الكاتبة: مـرح عبد الرزاق أحمد البريزات.
مدير العام:
صفاء عويسي.

تعليقات
إرسال تعليق