حَملُها لي في بطنِها تسعةَ أشهرٍ دونَ أنْ تشتكي ألمًا، مترقّبةً مجيءَ ذلك اليوم الّذي سآتي فيه إلى الحياةِ، متناسيةً كُلَّ يومٍ كنتُ قد أشقيتُها به، كبرتُ معها، ألبسَتْني كالأميراتِ اللّواتي يظهرْنَ على شاشاتِ التّلفاز وتمشّطُ شعري بحرصٍ مُبالغٍ من أنْ لا يؤلمني تشابُك خصلاتِه، كم كانت تُعجبُني حكاياتُها و الأسرارُ الّتي نُخفيها حتّى عن والدي وفوق كل ذلك نحكي لبعضِنا كلّ ما مرَرنا به في يومِنا وكأنّها إحدى أخواتي، تأخذُ برأيي في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة وتسألُني ما الأنسبُ هذا اللّون أم ذاك، تعلّمتُ معنى أنْ أصبحَ قنوعةً و ماهي مجرياتُ الحياةِ الصّعبةِ الّتي ستقابلُني وما عليّ التّصرف به وقتَها، أحببتُ حرصَها على خُلُقِ أنثى سويّة بكامل عفّتِها، أحببتُ كيف جعلَتني أفهمُ أنّ لا أحدَ يَستحِقُّ حُزنًا منّي وأنّ النّاسَ تذهبُ ويأتي من هم الأفضل، كانت دائمًا ما تسألُني بعباراتٍ مبطّنةٍ عن حالي دونَ أن تُبدي ذلك الخوف الّذي أستشعرُه دائمًا في حديثِها، ودعواتُها لي في كلّ مَرّةٍ ومُرّة، ضحكاتُنا على أمورٍ لا أحدَ يفهمُها ونظراتُنا لبعضٍ حين يتحدّثُ أبي عن أمرٍ ما فننفجرُ ضحكًا وسطَ دهشتِه عن سببِ كلِّ ذلك الضّحك الغيرَ مبرّرٍ اتّجاهَ حديثِه، أحبُّ دفاعَها عنّي و محاولةُ طلبِ الأشياءِ الّتي أخجلُ أنْ أطلبَها عادةً من أبي، لقد كانت مقرّبةً ومازالت، و ما زلت أدعو اللّه دائمًا أنْ يحفظَها لي من كلّ شرٍّ وأنْ تبقى هي أختي وصديقتي و أمّي وحافظةُ أسراري.
بقلم الكاتبة: أبرار فتح التّام/ اليمن.
المدير العام:
صفاء عويسي.
تعليقات
إرسال تعليق